إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات
ثلاثة أسباب تقف خلف الحملة الأميركية الغاضبة والتحريضية ضد ايران.. ما هي؟ وما الذي ازعج أمريكا من الصاروخ الحوثي الذي ضرب مطار الرياض الدولي؟
يمنات
عبد الباري عطوان
الرد الأمريكي على القمة الإسلامية التي انعقدت في إسطنبول يوم الأربعاء تلبية لدعوة من الرئيس رجب طيب اردوغان للتصدي لقرار الرئيس دونالد ترامب الاستفزازي بتهويد مدينة القدس المحتلة جاء سريعا، بل اسرع من المتوقع، وعلى لسان السيدة نيكي هايلي المندوبة الامريكية في الأمم المتحدة التي قالت قبل أيام ان “السماء لم تهبط على الأرض بعد قرارنا بشأن القدس وسمنضي قدما فيه دون تلكؤ”.
السيدة هيلي التي تبز الرئيس ترامب في عنصريته وعدائه للعرب والمسلمين، بدأت حملة تحشيد وتصعيد ضد ايران دون أي سبب يستدعي ذلك غير بذر بذور الفتنة، وتهيئة المجال لحرب طائفية تحرق المنطقة، وتحلب ما تبقى من أموال في جعبة دول في الخليج، ورهن مخزونها النفطي لعقود قادمة.
المندوبة الامريكية فسرت الماء بالماء عندما قالت “ان أمريكا لديها الأدلة على ان الصاروخ الذي استهدف مطارا مدنيا بالرياض هو صاروخ إيراني”، وأضافت “ان سلوك ايران في منطقة الشرق الأوسط يزداد سوءا ويؤجج الصراع في المنطقة”.
هذه التصريحات الاستفزازية الهدف الأساسي منها هو تحويل الأنظار العربية والإسلامية عن الجريمة الامريكية في القدس المحتلة، والانحياز الكامل لدولة الاحتلال الإسرائيلي وسياساتها في فرض الامر الواقع بالقوة.
في اليمن هناك حرب شرسة مستمرة منذ ثلاثة أعوام تقريبا، تستخدم فيه أطرافها، والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، آلاف الاطنان من الذخائر والصواريخ والطائرات الحديثة القادمة من الولايات المتحدة الامريكية، وبمئات المليارات من الدولارات، ومن الطبيعي ان يلجأ الطرف الآخر الى أي مصدر للتسليح للدفاع عن نفسه، اتفقنا معه او اختلفنا.
***
هبة الغضب الامريكية التي جرى تكليف السيدة هيلي بالتعبير عنها، والتركيز على الصاروخ الحوثي الذي استهدف مطار الملك خالد، شمال مدينة الرياض، باعتباره الذريعة او “رأس الحربة” في هذه الحملة، تعود الى عدة أسباب:
-
الأول: ان قمة إسطنبول التي حضرها اكثر من 57 زعيما ووزير خارجية اكدت على الوحدة الإسلامية، والرغبة في التصدي للانحياز الأمريكي الكامل الى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي، والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
-
الثاني: ظهور تحالف سني شيعي عابر للطوائف والمذاهب، تمثل في الانسجام غير المسبوق بين الرئيس رجب طيب اردوغان ونظيره الايراني حسن روحاني، وهذا التحالف ينسف المخطط الأمريكي الذي يريد اشعال حرب سنية شيعية، او توظيف السنة العرب، في الخليج العربي خاصة، في خوض هذه الحرب الى جانب الولايات المتحدة الامريكية.
-
الثالث: الصاروخ الحوثي الباليستي الذي وصل الى هدفه، وسقط في فناء المطار الدولي، وعطل حركة الطيران، واثار حالة من الذعر، اظهر فشل منظومة “باتريوت” الصاروخية الأميركية الصنع في اعتراضه، الامر الذي وجه ضربة “قاصمة” لجوهرة تاج الصناعة العسكرية الأميركية، خاصة ان سبعة صواريخ باتريوت يكلف كل صاروخ منها ثلاثة ملايين دولار التي انطلقت لاعتراض ذلك الصاروخ المجنح (يكلف عدة آلاف من الدولارات) عجزت عن تحقيق هدف اسقاطه، مثلما ورد في تقرير خاص لصحيفة “نيويورك تايمز″ الامريكية.
ايران نفت هذا الاتهام الأمريكي، وقالت انه استفزازي، وغير مسؤول، وليس له أي أساس من الصحة، وان الأدلة التي تحدثت عنها السيدة هيلي “مفبركة”، ولا نعتقد ان هذا النفي الإيراني سيجد أي صدى، وهو يذكرنا بالنفي العراقي في زمن حكم الرئيس الراحل صدام حسين بوجود أي أسلحة دمار شامل في ترسانته، وبقية القصة معروفة.
***
الإدارة الامريكية الحالية منيت بهزيمة كبرى، داخل الولايات المتحدة وخارجها، في الداخل عندما خسر حليف ترامب المقعد الجمهوري في انتخابات ولاية الباما، وخارجها عندما نأى حلفاء أمريكا الأوروبيين بأنفسهم عن قرار ترامب بتهويد القدس، وأعلنت كوريا الشمالية نفسها دولة نووية باليستية، وهددت بقصف العمق الأمريكي بصواريخها في حال تعرضها لاي اعتداء.
ترامب يقرع طبول الحرب، وضد دولة إسلامية، ومن منطلقات عنصرية، ويريد حلفاء من المسلمين أيضا في منطقة الخليج ليكونوا رأس حربتها، وتمويلها من خزائنهم، وتحدثت السيدة هيلي بكل وضوح عن سعي بلادها لتشكيل تحالف دولي لمواجهة خطر ايران، وهنا تكن المأساة الكبرى.
أمريكا لن تكسب هذه الحرب، لكن المؤكد ان المسلمين ايضا، والعرب خصوصا، سيكونون وقودها وضحاياها، جنبا الى جنب مع حليفهم الإسرائيلي الجديد.. والأيام بيننا.
المصدر: رأي اليوم